الظاهرة الركراكية العالمية
الجمعة 13 يناير 2023 - 17:39تجاذبت أطراف حديث شيق مع إطار وطني أكاديمي محترم على درجة على عالية من التكوين، ناخب وطني سابق ومتوج بعديد البطولات محليا وقاريا أندية ومنتخبات ونحن نحاول أن نعثر في هوامش النقاش، عن خيط ناظم يدلنا سويا لتفسير هذا الذي حدث مع وليد الركراكي، سحبنا التجاذب بعيدا لنخوض في بعض الماهيات المرتبطة ب«النية، الحظ والزهر هلم جرا» من التوابل المغربية الخالصة التي تحضر على مائدة نقاش الدهماء والعامة.
ولأني بمعية هذا الإطار عرفنا وتعرفنا على وليد قبل أن يتحلق حوله المتحلقون اليوم، لما جمعنا به من جلسات قادتنا لننفذ لأعماقه، وقد حدسنا كما تفرسنا نبوغه وتميزه عن الأقران والأخلان، قد إتفقنا من حيث المبدأ أن نترك الزهر والحظ جانبا ونحلل «الظاهرة الركراكية العالمية» بعقلانية.
إتفقنا أن نمنطق الأمور، أن نستند لمعطيات علمية وأن نغوص في الإحصائيات وحين تعبنا ونحن نستعرض كرونولوجيا ميار وليد من الفتح لغاية عودته للرحيل ناخبا، وقد غادرها مدربا، وهنا استوقفني جليسي «طلبت مني ترك الحظ جانبا، لمن هنا سأسطر على قول أن وليد محظوظ والحظ لا يبتسم سوى للشجعان، فكيف لك أن تفسر لي أن تمنح «فيفا» المنتخب الوطني حق التدريب على ملعب الدحيل والذي هو ملعب ألفه وليد لأكثر من عام مع الدحيل القطري وخدمه هذا المعطي وكان هدية من السماء لناخبنا الوطني».
هنا أيقنت أن الظاهرة الركراكية أعجزت الجميع، حتى ممن يتناظرون اليوم دون أن يقدموا لنا استقراءً رقميا لما حدث في قطر، فمنذ نهاية مونديال قطر لا أحد دلنا علي أكبر الظواهر التي غيرت كروية الكرة بالدوحة الفيحاء؟
لا أحد نافحنا وبالحج ولا أحد ناظرنا بإقناع تحليلي ينهل من المعين التقني، ليخبرنا كيف أنهى وليد أسطورة الإستخواذ الذي احتضر في روسيا ووري الثرى في الثمامة لوسيل والبيت؟
لا أحد فسر لنا ظاهرة سطوة المدربون الركراكيون التي أصبحت اليوم موضة أندية ومنتخبات «سكالوني ركراكي الطانغو، ديشان ركراكي الديكة، داليتش ركراكي كرواتيا، وغوارديولا ركراكي السيتزن، زيدان ركراكي ريال مدريد، بوكتينو، إيمري، طوخيل، كونطي، اينزاغي، سباليتي، اليو سيسي، بلماضي، نايغلسمان، سيميوني، لوبيتبغي، جيرار…. وغيرهم…
اليوم ينبغي أن نتوقف عند تواري الرواد، عالميا ومحليا وإقليميا، عن سر نجاح الفئة الركراكية التي تطابق عقلية جيل لاعبي «تيك توك»…
أين هو طراباطونيو كابيلو مع ساكي ؟ أين ليبي ونيفيو سكالا مع أريكسون ثم كلاوديو رانييري ؟ أين ديل بوسكي، وبيلسا وبقية المخضرمين لغاية العامري والزاكي والطوسي ثم فاخر والميلاني وجمال وغيرهم…؟
إلا أن الظاهرة الركراكية المغربية فريدة من نوعها، اليوم وليد هو مفرد بصيغة الجمع، فقد إحتار الزملاء ورفاق القبيلة في تفسير هذا النجاح الذي حالفه.
هم اليوم بين المنزلتين، معجبون ومذهولون، وهم يعاينون الكراكي وقد تجرأ على محمية الدنانير ليل الصف الثالث عالميا بحسب الإتحاد الدولي للإحصاء، والتأريخ خلف سكالوني البطل وديشان الوصيف ومتقدما على ديليتش وإنريكي على سيسي ورونار وفان غال وتيتي البرازيلي وغيرهم.
الظاهرة الركراكية بطابعها المغربي، تخطت المدى وتمردت على التقاليد لتحل ثالثة في تصنيف مدربي الأندية أيضا خلف كارلو انشيلوتي الوحيد المتوج في 5بطولات أوروبية كبرى ومكسر أرقام عصبة الأبطال والسوبر الأوروبي وبعده غوارديولا ملك الإستحواذ ومتقدما يورغن كلوب أستاذ رياضيات الأنفيلد والسبيشل وان جوزي مورينيو مدرب روما عبقري المرتدات ومتاريس الخطط الدفاعية.
لذلك في تقدير الكثيرين وقد ينفرد وليد عن كل هؤلاء بميزة «القبعتين» بدأ عامه مدربا للوداد وأنهاه بـ«النية» ناخبا وطنيا وليلبس عباءتي وشاحين في نفس التصنيف وحاضرا في البوديوم بكلتيهما، الأمر الذي لم يسبق إليه مدرب آخر ووحده من نجح في السياقين دون أن يلامس المجد الذي بلغه وليد في عام وحيد كان التركي فاتح تيريم مدرب الأتراك وغلطة سراي.
أرهقت جليسي وأنا أستحضر له أرقام وليد، بدا لي وكأنه لأول مرة يطلع عليها، قوما إن بدأت في سرد أرقامه القياسية مع الوداد والفريق الوطني حتى استوقفني وأعتذر للحظ والزهر ليكتفي بالنية ويقول «وا نية واش من نية هذه»؟؟؟