وليد في عباءة الناخب
الجمعة 26 غشت 2022 - 18:28إن كان الوصول إلى اليقين الكامل، بلا جدوى الإبقاء على وحيد خليلودزيتش مدربا وناخبا وطنيا، حتى ونحن قد دنونا من موعد المونديال، وما انطوى عليه ذلك من مجازفة، قد تطلب منا الكثير من الوقت، لا بغرض التسويف، ولكن بهدف إمهال النفس وقراءة الخطوة من كل أبعادها..
إن كان التأكد من انتهاء تعبئة وحيد قد احتاج لأسابيع، فلماذا نحن متأخرون في إحلال بديل له؟
لماذا كل هذا التسويف وهذه الإستطالة في الإثارة، مع أن الخيار المتاح والمفضل والذي يجتمع عليه المغاربة، هو تنصيب وليد الركراكي مدربا وناخبا وطنيا، ووضعه في سياق الأحداث المتسارعة، لطالما أن ما بقي من الزمن على مباراتنا المونديالية الأولى أمام كرواتيا وصيف بطل العالم، ثلاثة أشهر، وما يباعدنا عن معسكر إسبانيا بوديتيه أمام الشيلي وباراغواي ثلاثة أسابيع فقط؟
عند مقاربة المشهد الإستثنائي والإستراتيجي في أزمنة الفريق الوطني، والمتعلق بالإنفصال عن ناخب وإحلال أحد آخر مكانه، سنجد أن أمورا كثيرة حسمت وفصلت من لدن رجل القرار الأول، فوزي لقجع رئيس الجامعة، وأولها أن وليد الركراكي أبلغ رسميا بأنه الناخب الوطني القادم، وبأن كاس العالم التي لم يسعد بحضورها مع أسود الأطلس لاعبا، بعد «الشمتة» إياها أمام نسور قرطاج سنة 2006، سيحضرها بقطر حاملا لعباءة المدرب والناخب والمهندس الأول لمسار الأمل.
وعندما لا يكون فاصلا بين الجامعة وبين إعلان وليد الركراكي على الملأ ربانا تقنيا لأسود الأطلس، غير جزئيات بسيطة، مرتبطة على الخصوص بالطاقم التقني المساعد، والذي يصر فوزي لقجع على أن يكون متفرغا بالكامل لورش الفريق الوطني الذي لا يتوقف العمل فيه، حتى لو باعدته أيام وحتى أشهر عن التربصات والمباريات، فإنه من الواضح أن وليد دخل في عباءة الناخب، وشرع في التحضير للمعسكر القادم للفريق الوطني بإسبانيا، معسكر هو الأخير قبل الدخول رأسا في أجواء المونديال بقطر.
طبعا هناك بينكم من سيقول، ما دام أن الجامعة حسمت الإختيار ورأت في وليد حتى قبل أن يفعل الإنفصال عن وحيد، الخيار الأمثل للفريق الوطني، بالنظر للسياقات وحتى الإكراهات، فما الذي أجبرها على مفاوضة الإيطالي والتر ماتزاري؟ بل وما الذي جعلها تدخل قشة السير الذاتية لمدربين رأوا في منتخب مؤهل للمونديال، الصيد الثمين الذي لا يمكن للأيام أن تجود دائما بمثله؟
شخصيا، تابعت مسلسل التفاوض السري وحتى المعلن مع والتر ماتزاري، وأنا على ثقة من أنه لن يفضي إلا إلى الإختلاف على المنظور والأهداف ووسائل العمل، ويوم تم الكشف عن سقوط المفاوضات في المستنقع، أيقنت من أن الإيطالي لم يكن سوى أرنبا للتفاوض، ولا نية للجامعة أبدا في جعله ثاني مدرب إيطالي يشرف على الفريق الوطني، بعد أن كان مواطنه أنطونيو أنجيللو الوحيد من بلاد الطليان الذي حظي بهذا الشرف سنة 1989، وقد كان الأسود في مطاردة لحلم الوصول لكأس العالم سنة 1990 وأخطأوا معه الطريق.
لا أعتقد أن هناك مجالا لمجرد التخمين أو تعذيب النفس بمزيد من الشائعات في زمن كثر فيه صائدو الأخبار الزائفة، للقول حتى استيحاء بأن وليد الركراكي لن يكون هو الناخب الوطني القادم، فالأمور حسمت كما قلت، ووليد الركراكي تقدم خطوات على درب الترتيب للمعسكر الإسباني، بوضع التصور النهائي للتحضيرات وتحديد الملامح الكبرى للتشكيل البشري الذي سيعتمد عليه، بالعودة للمرجعيات التقنية الكبرى، متمثلة في المعايير التي يتوافق عليها الناخبون الوطنيون، وكلما أسقطوا واحدا منها، تصدع البناء وتعكرت الأجواء وخاب في المدرب الرجاء.
وما أنا متأكد منه، أن الجامعة إن لم تعلن نهاية الأسبوع على وليد ناخبا وطنيا وعلى الطاقم التقني الذي سيرافقه، فإنها ستفعل ذلك بداية الأسبوع القادم، لنقول أخيرا أن ما حدث على مستوى العارضة التقنية للأسود ليس صدعا ولكن عودة إلى الصواب، لعل ذلك يقفل الأبواب أمام الشك والإرتياب.