ADVERTISEMENTS

التكوين.. الخيار الصعب

الثلاثاء 21 يونيو 2022 - 13:29
بدرالدين الإدريسي - كلمات/أشياء

كل هذا الذي أنجزته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من أوراش بنيوية وهيكلية وتدبيرية، لا يمكن أن يفضي بأي شكل من الأشكال إلى استدامة النجاح قاريا ثم عالميا، ما لم يقترن بأمرين إثنين هما معا في غاية الأهمية، بل إن سقط أحدهما، سقط الصرح كاملا وبدا المستقبل القريب لكرة القدم كزبد البحر الذي يذهب جفاء.
أول الأمرين، هو إعمال أسلوب حكامة تضمن الشفافية والإحترافية في تدبير مرفق رياضي يتعلق به ملايين الشباب، فلا نرى ما هو شبيه الممارسات القبيحة التي تسيطر على المشهد الكروي الوطني من خلال فرق يحدث في جموعها ما يغتال القانون، وما يلطخ المشهد، وما يحول دون إنتاج نخب رياضية عالية المستوى.
أما ثاني الأمرين، فهو التكوين بكل أبعاده وبمبناه الحديث والذي لا يتوقف عن التطور بتطور كل العلوم المرتبطة بكرة القدم، فما اشتكينا منه لزمن طويل، وما جنينا من غيابه الفظيع، إقصاءات وصدمات وتعسفا حيال الأجيال الحالمة، هو التكوين العلمي والقاعدي وحتى النخبوي الذي يحصن الهوية ويستثمر جيدا في الثروة البشرية التي حباها بها الله هذا الوطن السعيد.
والتكوين له ارتباط وثيق بمؤسسة، كنت من أشد المطالبين بإحداثها وتمتيعها بما يلزم من استقلالية ومن وسائل عمل لتضطلع بالأعباء الثقيلة التي تناط بها، وتلك المؤسسة هي مؤسسة الإدارة التقنية الوطنية، التي من دونها لا يمكن أبدا لطائر كرة القدم أن يحلق في سماء التميز والتفرد، إنها الجناح الأساسي لفعل التحليق.
وبعد أن تباينت الرؤى داخل مكاتب جامعية سابقة، سواء عند التعريف بالإدارة التقنية الوطنية، أو عند تنزيلها على نحو لم يمكنها من تجاوز مطبات الميلاد، نجحت الجامعة على عهد فوزي لقجع، في التعاطي مع هذا الورش الحيوي بشكل مختلف، فكان الإشتغال أفقيا وعموديا، بنيويا وهيكليا، ليفضي إلى ما نحن بصدده اليوم، إدارة تقنية وطنية قائمة بذاتها مضطلعة بمهامها ومنتجة لعديد التراكمات، مستفيدة في ذلك من بنية تحتية لم تحظ بها التجارب السابقة، أقصد مركب محمد السادس لكرة القدم بهيئته الفريدة وبمضمونه الغني وبهندسته التي لا مثيل لها، وكل ما فيه يشجع على العمل.
ستطلعون في الصفحة العاشرة من هذا العدد على حوار لمدير التكوين الإطار الوطني فتحي جمال وعلى إحاطة بمنظومة الإشتغال داخل الإدارة التقنية الوطنية، فيما يرتبط بتكوين الأطر، وستلمسون بالفعل ما بدل من جهد في ظل ظروف إستثنائية وإكراهات، لإنجاز برامج متعددة في قطب التكوين والتكوين المستمر، على درب تهييء أطر تقنية عالية المستوى، لن تكون هناك من فائدة على كرة القدم الوطنية، إذا لم تحظ هذه الأطر بفرص العمل داخل النوادي وإذا لم تمتع بإمكانيات الإشتغال، وبما يضمن لها الكرامة على مستوى الرواتب والمكافآت.
بالقطع ليس كل هذا ما نرجوه من الإدارة التقنية الوطنية، فأول المهام الموكولة لهذه المؤسسة أن تمنح لكرة القدم الوطنية هوية تقنية مستمدة من مرجعيتها التاريخية، هوية تطابق كرة القدم الوطنية مع خصوصياتها الفكرية والجغرافية والمورفولوجية ومع متطلبات المستوى العالي، وتخلق لنا تقاليد كروية محصنة كما هو حاصل مع دول رائدة عالميا، مثل البرازيل، فرنسا، ألمانيا وإيطاليا، حيث تكون الإدارة التقنية حارسا للمعبد ومحددا لقواعد التدبير وحاضنة لكل الكفاءات التقنية الوطنية، ولا تكون معها حاجة لاستقطاب مدربين أجانب للمنتخبات الوطنية، لا يحدثون إلا الشتات، ولا يتركون وراءهم إلا الخرائب التي تغطيها أحيانا النتائج العرضية.
وكم يدلنا تاريخ منتخبنا الأول وهو يمر من مدرب أجنبي لآخر ومن مدرسة كروية أوروبية إلى أخرى، وكثيرا من دون وجود أي خيط ناظم، على هشاشة مؤسسة الإدارة التقنية الوطنية، وعلى تهميشنا وأحيانا تحقيرنا أحيانا للإطار التقني الوطني، لذلك سيكون على الإدارة التقنية الوطنية وقد تجمعت تحت سقفها النخب التقنية، أن تشتغل على الهوية المحينة، وأكثر منه على دعم الكفاءة المغربية لتكون المنتخبات الوطنية عهدة وأمانة عندها.

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS