«وا الخلعة طلقي مني»
الثلاثاء 08 مارس 2022 - 14:01بالكونغو الديموقراطية، ومنذ نهاية كأس إفريقيا إلى اليوم، لا حديث في الصحف والموائد المستديرة الرياضية وحتى السياسية إلا عن الفصل الأخير من الرهان الصارخ الذي ينتظر منتخب الفهود أمام أسود الأطلس في المباراتين الفاصلتين نهاية الشهر الجاري، ولا سؤال ولا تدخل إلا وكان مقصده التحفيز والضرب من حديد على وقائع التأهل المفترض أن يحسم بكينشاسا أولا قبل المغرب. ومنذ نهاية كأس إفريقيا، والأخبار والتحاليل تتناسل عبر وسائل الإعلام الكونغولية بالتحضير الإستراتيجي لهاتين الموقعتين الفاصلتين لا لشيء إلا لأن منتخب الفهود الذي لم يحضر كأس إفريقيا، يراهن على التأهل إلى كأس العالم حتى ولو كان أمامه جبل ثقيل يصعب تدميره. وعندما يجتمع رئيس الوزراء جان ميشيل ساما لوكوندي علنا مع كل من وزير الرياضة والترفيه، ووزير الميزانية ووزير المالية، وأعضاء اللجنة المؤقتة للجامعة وأعضاء اللجنة الأولمبية، فضلا عن مفوض الشرطة بمقاطعة كينشاسا، بهدف تعبئة كل الفاعلين السياسيين والجماهير لموقعة الذهاب بكينشاسا كيوم تاريخي يمهد لتأمين العبور إلى المونديال بعد حلم طال غيابه لـ 48 عاما، وعندما تلتحم كل مقومات الشعب الكونغولي لهذا الحدث الكبير بعمق دلالة الإرتباط به أمام المغرب الخصم الذي تأهل على حسابه الكونغو برازافيل سابقا عام 1973 لحضور مونديال ألمانيا 1974، والجميع يعرف قصة الظلم التحكيمي الذي طال أسود الأطلس بكينشاسا، وتأهل الفهود بنكسة تاريخية استحضرها بحصص كارثية، لا يمكن أن نستهثر بما يتأهب له الكونعوليون لانهم يعرفون الأسود مليا، ويريدون إعادة التاريخ من جديد على حساب المغرب.
وجرتني الكتابة الفورية عن ما يهيأ هناك من تعبئة قوية للجماهير وتوفير كل الظروف الملائمة، إلى متابعة يومية وكل ساعة لمقايسة ما ينشر سياسيا ورياضيا وإعلاميا علنا نقف جيدا عما يمكن أن نستسيغه جميعا من هذه التعبئة اللامشروطة والمهيأة منذ مدة شبه طويلة، ولكنها إحتمت بواقع الخصم المغربي بدرجة رفع حرارة التعبئة بحكم أنه منتخب كبير وغير عادي، ولكن التاريخ هو من سمح لهم اليوم بحشد كل مكونات الساسة والمجتمع المدني والرياضي والجماهير للضغط على زر التأهل من الأن أيا كان الخصم حتى ولو كان بميزان أسود الأطلس. وبالتفاعل مع كل ما ينشر، اشترطنا على أنفسنا كإعلاميين الوقوف عند كل الأشياء التقنية والدقيقة لنجوم المنتخب الكونغولي الذين غابوا عن النهائيات ليس كأفراد فقط ولكن كمنتخب لم يكتب له الحضور بمنافسات كأس إفريقيا لأنه أقصي بالمفاجأة، ولهذا المعطى، لم تعد الأمور كما هي، بل تغيرت أحوال الفريق الوطني للفهود باسترجاع كل طاقاته الكبيرة ونجومه التي تلعب في البطولات الأوروبية بزخم كبير من الأسماء التي غابت عن الفهود في السابق، ولكنها ستحضر أمام المغرب بثقل كبير وليس من معطيات المنتخب الذي عسكر في مصر والبحرين مؤخرا كما يعتقد البعض. وهنا يمكن أن نشتغل جميعا في قراءة الخصم أكثر من أن نتوجه إلى مفردات التعبئة الحكومية وأوراق مفروض أن تكون ورقة مساندة ودعم ، ولكن ما هو أهم هو منتخب الكونغو الديموقراطية بأسطوله وفكره وتنافسيته وصلابته وعقوله وهدافيه ، ومن يقرأ هذا الخصم جيدا، لن تهمه أحداث التعبئة أصلا، والكرة تقرأ في الرقعة.
ولهذه الغاية، ومن خلال متابعتنا الحصرية لمنتخب الفهود، يبدو واقع الحال لدى دولييه في أفضل حال، وحضورهم وعودتهم إلى التباري في شتى الأندية التي يتوزعون فيها أوروبين وعربيا وإفريقيا وحتى بالمغرب، ولا أدري إن كان وحيد خليلودزيتش يعرف إسما واحدا من هذا المنتخب شخصيا بقدرما ينتابنا اختلال التوازن أو الدوخة في متابعة الأسماء الكثيرة في معظم الأندية الأوروبية، مثلما لا أدري كيف يشتغل طاقمه في متابعة هذا الخصم لاعبا بلاعب ليس من خلال إحصائيات تنافسيته، ولكن بطريقة لعبه مع فريقه الأوروبي ومنتخب بلاده. وهنا مربط الفرس لأنه هنا بالمغرب، يظل الصمت مغايرا على الإطلاق، لأن الحكومة المغربية غير مبالية بالمنتخب الوطني، ولا تتعبأ إطلاقا في الدعم المشروط، فقط هناك متابعة جامعية روتينية للحدث تحضيريا فقط، أما الناخب الوطني فقد يكون معزولا عن خانة التجسس على الخصم بكل القدرات التي تؤهله وتساعده على كسب المعلومة، وحتى إن تجسس، فلا يملك الأدوات التي تهزم خطته لأنه فاقد لقراءة الخصوم كما حصل له أمام مصر. ولذلك، نظل كإعلاميين ورقة تعبير تقنية أكثر من طاقم المنتخب، لأننا نبحث ونتابع كل شيء، وغدا سنرى هذا الشيخ كيف سيقرأ الفهود وهي تتوعده من الآن.
أقول لوحيد «وا الخلعة طلقي مني» وساعة القرار قربت.