ADVERTISEMENTS

رقصة المذبوح!!

بدرالدين الإدريسي الأربعاء 12 يناير 2022 - 13:55
بدرالدين الإدريسي - كلمات/أشياء

كل شيء توقعته في ظلمة الدرب العسير الذي يوصلنا للنسخة المثيرة من كأس إفريقيا للأمم بالكاميرون، أن لتفحنا كورونا ببردها المسموم وأن تشرد بنا بعيدا هذه التربصات المبرمجة للأندية الأوروبية بمونديالنا القاري، وأن تتزايد هواجسنا وفريقنا الوطني يدخل الحدث الكروي لينسلخ من تلك العباءة التي لازمته في كؤوس إفريقية أخيرة، عباءة الخنوع والإستسلام وعدم التطابق مع الذات ومع الإنتظارات.
توقعنا هذا كله، وكان في الزاد الذهني ما يكفي لدفع التوجس والقلق، إلا أن الذي لم أتوقعه والكثيرون مثلي، أن يوجه الأسطورة الكامروني روجي ميلا إلى صدورنا المكشوفة، سهما موجعا، وهو ينطق كفرا وخساسة ومقتا بما لا يقبله لا عقل ولا منطق وما لا تجيزه لا الأخلاق ولا الأعراف.
إختار روجي ميلا أن يطل على قناة «تي في 5 العالم»، ليصفي مع نفسه أولا حسابا قديما، ولينثر ثانيا خبثا ما كان لزوم في هذا التوقيت بالذات، فما إن قالت الصحفية المستجوبة، أن الدول الإفريقية أجمعت على رد محاولة جياني إنفانتينو رئيس الفيفا بتأجيل الكان عن موعدها، حتى أرغد الأسطورة وأزبد، وأظهر كم أن شهرة كرة القدم لا تقف عند مجرد ما كان يفعله روجي في الملاعب، بل تتعداها إلى تسويق الصورة والحيلولة دون أن تخدشها سلوكيات كهاته.
قال روجي ميلا متهما دول شمال إفريقيا، المغرب ومصر تحديدا، «أن هذه الدول التي استقبلناها على أرض إفريقيا (وكأنها دول نازحة)، تعيث فسادا في الكاف وتعبث.
إن كان الحال لا يعجبها فلتذهب للعب في أوروبا أو آسيا أو أين يحلو لها».
طبعا هذا التصريح بحمولاته العنصرية وبأبعاده الدنيئة، يلزم شخص روجي ميلا ولا أحد غيره، ولكن عندما يأتي هكذا تصريح بكل الغباء الذي ينطق به، في هذا التوقيت بالذات من لاعب أسطورة مثل روجي ميلا فإنه يستحق الرد عليه، ولا يمكن بالقطع معاملته ككلام نطق به سفيه وأحسن جواب له السكوت، وقد كنت أتمنى لو أن روجي فكر مرة ومرتين أو حتى أنه أدار لسانه سبع مرات في فمه قبل أن يطلق العنان لمكره ولهلوساته، فقد كان حريا بروجي الأسطورة أن يصطف مع كل مشاهير كرة القدم الكاميرونية لكي يستقبل ضيوف بلده، منتخبات جاءت لتحتفل مع الكاميرون بعرسها الإفريقي ولا تهاب في ذلك سطوة الفيروس اللعين.
وبفرض أن روجي ميلا أراد تصفية حساب مع أي كان، فقد كان الأجدر به أن يؤجل ذلك كله إلى أن ينفض العرس الكروي الإفريقي ويذهب كل واحد لحال سبيله، لا أن تأخذه الحمية، حمية الجهل والعناد، فيشعل النار في بين الحب الذي جاء كل الأفارقة ليلتقوا فيه لالكاميرون، ولعل فرضية التصريح مدفوع الأجر من قبل الخبثاء، هي أكثر ما يفسر أن روجي سقط في المحظور..
ما معنى السيد روجي أن تكون إفريقيا قد قبلت أن نلعب نحن دول الشمال على أرضها؟
ما حقيقة هذا العبث الذي تحدثه دول الشمال داخل الكاف؟
وكيف يجرؤ ميلا على أن يدعو المغرب ومصر على اللعب بأوروبا أو أسيا؟
لو كان ميلا قد استحضر هذه الأسئلة، ولا أخاله إلا عاجزا عن تركيبها، لفكر ألف مرة قبل أن يطلق العنان للسانه لينطق بكل هذه السفاهات، فالمغرب عميق في انتمائه لقارته الإفريقية، والمغرب ملتزم منذ قرون بآداب وواجبات هذا الإنتماء، وتاريخ إفريقيا يمكن أن يسرد كل الصيغ الرائعة التي أبدعها المغرب للتعبير عن إفريقيته، ثم إذا كان هناك من بلد أحسن للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بخاصة مع انبعاثها الجديد وخروجها من سراديب عيسى حياتو، فهو المغرب، الذي أنقذ الكاف بتنظيمه لبطولات متخلى عنها، وباستضافته بلا قيد أو شرط لعديد منصات الحوار والنقاش والتناظر حول كرة القدم الإفريقية، والمغرب كان المنقذ الحقيقي لدول إفريقية شقيقة وجدت نفسها مهجرة من ملاعبها في زمن الجائحة، فاستضافها بالكرم الذي هو من طباعنا وخصالنا، وجامعتنا كانت الأولى بين كل صنواتها التي أبدعت شراكات مفعلة ومنجزة، لا شراكات على الورق..
والمغرب الذي يريده روجي ميلا أن يذهل للعب في أوروبا، هو من أعطى صفات النبل والإحترام لكرة القدم عالميا من قبل حتى أن يأتي روجي ميلا لهذه الدنيا..
لا أطمع في مزيد من الأدلة الكاشفة على رعونة وجهل روجي ميلا، وتجرؤه على دخول نهر لا يحسن العوم فيه، ولكنني أكتفي بالقول، شتان الفرق بين رقصة فرح الأسطورة التي قلدها الصغار قبل الكبار في كل العالم، وبين رقصة المذبوح..  

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS