يحبوننا لأننا نحترمهم
الجمعة 24 شتنبر 2021 - 12:29حسمت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بشكل لا رجعة فيه، في أمر الملاعب التي ستستضيف بين الثامن والثاني عشر من أكتوبر القادم، مباريات الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات المنطقة الإفريقية المؤهلة لكأس العالم قطر 2022.
ومن أصل 40 منتخبا يتنافسون على البطاقات العشر التي تخول لحامليها خوض الدور الإقصائي الحاسم والأخير المقرر له شهر مارس من السنة القادمة، نجد أن 13 منتخبا أفريقيا منعوا من اللعب بميادينهم بسبب عدم مطابقة الملاعب التي اقترحوها على الكاف لاستضافة مبارياتهم لدفتر التحملات الجديد الذي أصدرته الكاف بتحريض من الفيفا وأجبرت على عدم تقديم أي تنازلات بشأنه. وطبعا دعوا جميعهم إلى اختيار ملاعب في دول أخرى تكون حاصلة بشكل قبلي على تأشيرة الكونفدرالية الإفريقية.
وبصرف النظر عن أن هذا الإجراء الملزم، سيساعد إفريقيا على تحريك المياه الراكدة وتحريض الحكومات على تمتيع دولها بملاعب رفيعة المستوى وخاضعة لأحكام الفيفا والكاف، إلا أن ما يجدبنا إليه الإختيار الذي استقرت عليه عشرة من هذه المنتخبات المعنية بالبحث عن ملاعب مصادق عليها لتلعب عليها مبارياتها خلال الجولتين الثالثة والرابعة المقرر لهما الفترة الزمنية ما بين 8 و12 أكتوبر القادم، شيئان إثنان، هما معا بدلالات استراتيجية وبمؤشرات قوية على معالجة المشهد بعيدا عن التدليسات والإفتراءات والعنجهيات.
من بين المنتخبات العشرة التي قدمت للكاف مقترحاتها بشأن الملاعب التي اختارتها وحصلت بشأن ذلك على الموافقة، 6 منتخبات إختارت ملاعب مراكش، أكادير، الدار البيضاء وطنجة لتستقبل فيها، وهو ما يجعل المغرب قاعدة لبناء الحلم الإفريقي، بل أن المثير في الأمر أن منتخبين من المنتخبات الثلاثة التي تتنافس مع أسود الأطلس في مجموعته التاسعة اختارا اللعب بالمغرب، فالمنتخب الغيني سيستقبل الفريق الوطني بالملعب الكبير لأكادير ومنتخب غينيا بيساو سيستضيف أسود الأطلس بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، في وقت ما زال المنتخب السوداني كحال منتخبي كوت ديفوار وجمهورية الكونغو بصدد البحث عن ملعب، ولربما تعمد هذه المنتخبات كلها إلى اختيار المغرب وجهة لها بحكم أن جامعاتها ترتبط بشراكات مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
هذا الذي يحدث وتباركه الفيفا والكاف، بل وتثني عليه، هو في واقع الأمر تصديق لكلام كثير قيل عن المغرب وهو يصمم شراكات استراتيجية نافذة المفعول مع الدول الإفريقية الصديقة، قائمة على «مبدأ رابح رابح» ومجسدة لصورة جد متقدمة في بناء المغرب لعمقه الإفريقي.
الذين يزعجهم ما أبدعه المغرب على أنقاض صروح شراكات متهاوية، من نمط جديد لمد يد الصداقة والعون للجيران الأفارقة، وسعوا بما أوتوا من مكر إلى تعكير هذا الصفاء الجميل، يقفون اليوم بتعاسة تؤلم الضمير وتقضم ندما أصابع اليد، على أن المغرب لم يكن يزايد بإفريقيته، ولم يكن يتاجر في قيم الجوار، ولم يكن فوق هذا وذاك ممن يبيعون الفراديس المفقودة ولا يقدمون على أطباق وهمية وعود الليل التي يمحوها النهار.
وجدت المنتخبات الإفريقية وهي تختار المغرب قاعدة لمبارياتها التصفوية لكأس العالم، ما يتجاوز بكثير ما تستطيعه حتى جامعاتها توفيره من لزوميات لوجيستية بصرف النظر عن روعة الملاعب التي يأتي نجومها ليلعبوا فوق بساطاتها، فالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بوحي من السياسة الخارجية للمغرب، ومن صك التعهدات الموقع عليها بخط الشرف، لا تذخر جهدا من أجل أن تنجح هذا التجمع الكروي الإفريقي على أرض المغرب، بل إنها تمكن أحيانا هذه المنتخبات مما لا تمكن منه حتى منتخب البلد، وليس ذلك تذللا ولا مبالغة في التضييف، ولكنها أخلاق المغاربة التي سارت بذكرها الركبان.
وغير الإستفادة الرياضية التي سيحققها الفريق الوطني المقبل على مواجهة منتخب غينيا بيساو ذهابا وإيابا هنا بالمغرب ما بين الرباط والدار البيضاء، وبينهما مباراته المؤجلة أمام غينيا بالملعب الكبير لأكادير، لطالما أن مفتاح العبور إلى الدور الإقصائي الحاسم وحتى قبل جولتين من نهاية تصفيات دور المجموعات، فإن كرة القدم المغربية يزداد مؤشر عالميتها ارتفاعا وتزيد أسهم المصداقية الدولية في الإرتفاع، وهذا المؤشر الإيجابي سينفع المغرب لا محالة يوم يعلن على الأشهاد أن حلمه المونديالي لم ينته برغم ما تجرعه في المرات الخمس السابقة من إحباط.
نفتخر بهذا الإعتراف الإفريقي بصدقية ومصداقية اليد المغربية الممدودة بلا قيود ولا شروط، إعتراف يجسده وبأجمل صورة اختيار منتخبات إفريقية، حتى تلك التي تتنافس مع أسودنا، أن يكون المغرب موطنا لمبارياتها المونديالية، ونكبر في ملكنا ما أبدعه من مبادرات خلاقة يبني بها المغرب تحالفاته الجديدة، ولا يعبأ في ذلك بهرج المهرجين ولا بهلوسات المشوشين.