إذا الشابي أراد النجاح..
الجمعة 16 أبريل 2021 - 20:12من دون تقليل للشأن ولا تقديح ولا حتى تبخيس للقدرات، سأقدم من الآن تحفظي لا اعتراضي، على أن يأتي الرجاء البيضاوي بمدرب تونسي، بالكاد سمعت عنه عندما واجه الرجاء الإتحاد المنستيري في دور السدس عشر مكرر لكأس الكونفدرالية، ولا خلاف على أن الفريق التونسي عذب الرجاء قبل أن يسمح له بالعودة متأهلا من مدينة المنستير بفضل ضربات الحظ. بالطبع ما عاد هناك من مجال لتكرار خطاب الأسى والحزن على أن الرجاء فرط في مدربه جمال السلامي، ولا أتمنى مجرد التمني، أن يندم الرجاء على قرار تغيير الربان التقني في هذا التوقيت بالذات، إلا أنني أتفاجأ في واقع الأمر للعجلة التي دبر بها المكتب المديري للرجاء هذه الظرفية الحرجة، فقد كان عليه أن يبحث في توقيت صعب عن مدرب يخلف جمال السلامي ويؤمن العبور التقني والتكتيكي من دون ضرائب على مستوى النتائج تحديدا، وقد قلب العشرات من السير الذاتية التي تقاطرت على الإدارة في وقت قياسي، وكان اختيار التونسي لسعد الشابي خاضعا للعديد من الإكراهات، لا قائما على عديد من القناعات ومن الرؤى الإستباقية، فقد فضل الرجاء هذا الشابي لأنه بمطلق الأمانة لن ينهك ميزانية الرجاء المنهكة أصلا براتب شهري منتفخ، ولأنه قبل بأن لا يزيد عقده عن الستة أشهر المتبقية، أي لغاية شهر غشت التي يفترض أن يسدل الستار فيها على موسم استثنائي. هل يمثل لسعد الشابي بالفكر وبفلسفة العمل وبالتراكم المهني الخيار الأمثل للرجاء؟ هل هو من منظور استراتيجي ورياضي رجل المرحلة؟ وهل يستطيع الرجل أن يقف شامخا في عرين الرجاء أمام أعاصير الضغط التي تقتلع الرؤوس؟ هذه الأسئلة حتى لو اجتهد أي منا في البحث عن أجوبة لها، فلن يهتدي إليها كاملة، لأن ما سيكتب هذه الأجوبة بلا زيادة ولا نقصان هي المباريات التي سيلعبها الرجاء ضمن أجندة نارية، تفتح أربع جبهات حارقة كل واحدة تمثل أهمية للرجاء، إن لم تكن لها أهمية رياضية، فلها أهمية مالية، بالنظر إلى أن الرجاء يتطلع لتحصيل مبالغ تساهم في تجفيف المديونية المالية الثقيلة. سيدرك الشابي من أول وهلة أنه أمام فريق له هويته وله منظومته وله مرجعية فنية لا يستطيع الخروج عنها هكذا بجرة قلم، ولا يفترض إطلاقا أن تمس تلك الهوية، وسيوقن الشابي بعدها، كم هو محتاج إلى نوع من البراعة في القيادة وقد ورث فريقا، لا هو سيئ من منظور بشري ولا هو معدوم في واجهات التنافس على الألقاب، فقد أظهرت على سبيل المثال لا الحصر المباراتان الإفريقيتان أمام بيراميدز كم هو قوي هذا الرجاء بأسلوبه وفلسفة لعبه، ولا مجال للحديث إطلاقا عن أن الرجاء يعيش أزمة نتائج أو أزمة ثقة، لمجرد أنه خسر مباراتين تواليا في البطولة الإحترافية أمام الوداد وأمام حسنية أكادير. بالطبع لن نستكثر على الشابي أن يضع بصمته على الأداء الجماعي للرجاء، من دون أن يخلخل التوازنات ومن دون أن يشوه المرجعيات، إلا أن ذلك سيكون مشروطا بتعزيز دينامية الإنتصارات، بجعل الفريق منتجا للنجاح التكتيكي الذي يساعده على ربح المواجهات، وهنا سنختبر حقيقة القدرات الذهنية والفكرية للمدرب التونسي، فهو سيحتاج في مقام أول إلى تكييف قناعاته وأساسات فكره التكتيكي مع الرجاء لا العكس، فلا أظن أن الرجاء واقع في مستنقع تكتيكي ويحتاج لمن ينتشله منه، ولا أخاله دخل في دوامة يحتاج لمن يخرجه منها، الرجاء محتاج من الشابي لكي يكون ذكيا في تصريف الأشياء كما هي، وبعدها أن يكون حذقا في تغيير ما يراه بحاجة لتغيير في عقلية لاعبي الرجاء عند التعامل مع المباريات باختلاف درجات حساسيتها وأهميتها وحتى صعوبتها. ولعل من الصدف الموجبة لقراءة عميقة من قبل أطرنا التقنية الوطنية، أن يكون الوداد والرجاء مؤطرين من مدربين تونسيين، ولو أن الأمر يمثل نادرة بل سابقة في تاريخ الكبيرين، إلا أننا لا نستطيع أن نتخيل حدوث هذا الأمر في تونس الشقيقة، أن يقف مدربان مغربيان في نفس التوقيت على رأس العارضة التقنية لناديين تونسيين، الترجي والإفريقي أو الترجي ونجم الساحل التونسي، وهذه الإستحالة ليس مصدرها أن المدرب المغربي يؤثر البقاء بالمغرب أو شد الرحال صوب الخليج العربي على أن يتحول شرقا صوب الجزائر وتونس، إلا ما نذر، ولكن مصدرها أن المدرب المغربي يقف على بعد مسافة مقدرة من المدرب التونسي، عندما يتعلق الأمر بتصدير الكفاءة إلى دول الجوار، ولذلك ارتباط وثيق بالتكوين وبسرعة الإندماج وبالقدرة على تمثل واجبات المستوى العالي، وهذا هو ما يجب الإشتغال عليه بدلا من إنتاج الإستنكار أو الإستغراب من استغاثة الرجاء بالشابي..