تونس الخيار الأمثل؟
الجمعة 17 يوليوز 2020 - 18:09ما لا نستطيع أن نجد له تفسيرا، هو هذه اللعنة التي أمسكت بتلابيب عصبة الأبطال الإفريقية، وما فارقتها برغم كل الذي اجتهد المسكين أحمد أحمد في إبداعه من مبيدات ومطهرات، فمنذ أن سكنت هذه اللعنة تجاويف العصبة، وأدخلت نسختها الأخيرة لردهات محكمة التحكيم الرياضي الدولية، والتي من غير المستبعد أن تبث في غضون الأيام القادمة في الطعون التي قدمها الوداد البيضاوي في أهلية تتويج الترجي الرياضي التونسي بلقبها، منذ ما يزيد عن السنة وعصبة الأبطال تجتر المآسي الواحدة بعد الأخرى، بل إنها ما فتئت تجلب العديد من المنكرات للكونفدرالية الإفريقية.
على أنقاض النهائي الفضيحة للعام الماضي بين الترجي والوداد والذي ما زال صداه يتردد في المحاكم، اتخذت الكونفدرالية قرارا بإقامة نهائي عصبة الأبطال وكأس الكاف في مباراة واحدة، يجري تعيين مكانها من قبل الكاف في وقت سابق بكثير على موعده، برغم ما سيظهر فيما بعد على أنها إكراهات تعطل هذا المقترح، ومنها أن إقامة النهائي في بلد إفريقي غير البلد الذي ينتمي له أحد فارسيه، يمثل عبئا كبيرا وسيحرم الناديين المتباريين من دعم جماهيرهما لصعوبة التنقل بين دول القارة والغلاء الفاحش لتذاكر السفر، كما أنه قد لا يحظى بمتابعة كبيرة لكون جماهير البلد المستضيف لن تستهويه المباراة.
لا علينا، إنتظرنا أن تبادر الكونفدرالية الإفريقية إلى تعيين الملعب المستضيف لنهائي عصبة الأبطال بوقت مبكر، لكن الكاف فضلت التريث إلى أن شارفت العصبة على إنهاء دور المجموعات لتفتح طلبات العروض بشأن استضافة نهائي إحدى المسابقتين، أو هما معا، وكانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من السباقين للترشح لاستضافة النهائئين معا، وبعد اكتمال الآجال الزمنية، ستقول الكاف بأن ثلاث دول هي المغرب، تونس والكامرون تقدمت بترشيحها لاستضافة نهائي عصبة الأبطال، فيما لم يكن هناك من منافس لمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط لاستضافة نهائي كأس الكونفدرالية.
طبعا كان من السهل على الكاف أن تقرر ما بدا لها على أنه السيناريو المثالي لتنظيم أول نهائيين للعصبة ولكأس الكاف بالنظام الجديد، فبينما لم يكن من منافس للرباط لاحتضان نهائي كأس الكاف، ستعهد الكونفدرالية للكاميرون وتحديدا لملعب جابوما بياوندي باستضافة نهائي عصبة الأبطال، قبل أن تأتي جائحة «كورونا» في صورة قوة قاهرة، لتسقط أولا التواريخ المثبتة قبلا للدورين نصف النهائي والنهائي ولتدعو الكونفدرالية لاعتماد مقارية جديدة، إقامة الدور نصف النهائي لعصبة الأبطال من مباراة واحدة والجمع بين الدورين نصف النهائي والنهائي بياوندي الكامرونية في تاريخ سيجري تحديده لاحقا وبالطبع سيكون في غضون شهر شتنبر.
وما توقع أحد أن تعض اللعنة بالنواجد على رقبة عصبة الأبطال، لنكون أولا أمام جائحة كوفيد 19 التي بعثرت التواريخ ورسم الولادة للنظام الجديد، ولنكون ثانيا أمام الإنسحاب المعلن للكامرون من تنظيم الدورين نصف النهائي والنهائي للنسخة الحالية، الإنسحاب الذي يربك الحسابات ويعيد لجنة المسابقات إلى طاولة التداول بشأن البدائل، والبدائل لم تتأخر، لأن مصر التي تشعر بدافع قومي كبير لحماية مصالح قطبيها الأهلي والزمالك عرضت خدماتها، ورحبت باستضافة الدورين نصف النهائي والنهائي، وتونس هي الأخرى بادرت إلى اقتراح ملعبها رادس أو سواه لاستقبال هذه العصبة المشردة والمنكوبة.
بالطبع يحق لنا في ظل هذا التسابق والتجاذب دفاعا عن السمعة وتلميعا للصورة أو دفاعا عن المصالح، أن نسأل عن ردة فعل الجامعة حيال هذا المستجد، وعما إذا كانت الوصاية والحماية الموكولة من الأندية للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، تفرض أن تتحرك هذه الأخيرة لتعرض هي الأخرى خدماتها على الكونفدرالية، لكي يكون المغرب مستضيفا للأدوار المتبقية من عصبة الأبطال وكأس الكاف.
والحقيقة أن الجامعة التي تعكس حكمة المغرب في تدبير مصالحه القارية وفي معاملة الأجهزة الدولية، تنطلق من حتمية العودة إليها عندما سيكون لزاما على الكونفدرلية أن تبحث عن بلد بديل للكامرون لاستضافة الدورين نصف النهائي والنهائي لعصبة الأبطال، فالمغرب ترشح من قبل لاستضافة النهائيين معا، وإذا ما كانت المساطر تفرض على لجنة المسابقات داخل الكاف العودة لكل من تونس والمغرب لاستفسارهما رسميا عن استعدادهما لاستضافة الدورين المتبقيين من عصبة الأبطال، فإن هذا يعفي الجامعة من الظهور حتى في الصورة أو المشاركة في الإستعراض الفولكلوري المجاني، وإن كنت في قرارة نفسي أعتبر أن الخيار المثالي الذي سيكون أمام الكونفدرالية الإفريقية لتعويض الكامرون المنسحبة هو تونس، لكونها كانت مرشحة من قبل لاستضافة النهائي ولكونها تقع بين المغرب ومصر ولكونها خالية نسبيا من وباء كورونا.. وقد تكون خلاص هذه العصبة من معاناتها حتى وهي تعود إلى موطن النكبة..