ADVERTISEMENTS

"المنتخب" تفتح العلبة السرية للزاكي بادو

المنتخب: بدر الدين الإدريسي الثلاثاء 05 ماي 2020 - 21:47

أخفى مجيء الوداد للتعاقد معه حتى لا ينعت بالمجنون
لماذا أصر خاله على تسميته بالزاكي؟
مات الوالد فباتت الحاجة أمينة هي القائد الفعلي للبيت

حياة الزاكي بادو اللاعب والمدرب والأسطورة، باتت كحقل حرثه محراث الإعلام بالطول والعرض.. ما بقي منه شيء.. وما خفي منه شيء.. وما بات هناك سرا لم يذع على الملأ..
لا أذكر شخصيا كم رويت عن الزاكي بادو في مساره الأنطولوجي العامر بالتحديات، فهناك بالتأكيد المئات مما كتب على شكل حوارات أو مشاريع سيرة ذاتية، إلا أن ما فكرت فيه اليوم وأنا أضع أمامكم هذه النوسطاجيا، شيء مختلف تماما.
بموافقة الزاكي، قررت أن أدخل سراديب الذاكرة وأن أفتح ما كان دائما موصدا، العلبة السرية والسحرية التي تحمل في جوفها العديد من الأسرار، كما أمواج البحار المتلاطمة والتي تحمل في جوفها الإعصار الذي يقود للآلئ والمرجان..

صراع الأب والخال على التسمية
عندما فتح الزاكي عينيه على هذه الدنيا يوم ثاني أبريل من سنة 1959 بمدينة سيدي قاسم، ليكون ثاني أربعة أبناء للسيد محمد بن العربي بادو، لم يدر وهو الرضيع، ما كان يدور من حوله، والعائلة تستقبله طفلا ثانيا بعد شقيقه عبد الخالق الذي يكبره بعامين.
كان الأب يريد أن يطلق عليه إسم نور الدين، إلا أن خاله محمد سيقف على عتبة البيت، ليقسم بأغلظ الأيمان أن هذا المولود إن لم يحمل إسم زاكي فإنه سيعود أدراجه، ولن يشارك العائلة احتفالها بعقيقة المولود الجديد.
ومن دماثة خلق الوالد السعيد بمولوده الجديد والمحب للعائلة، فإنه سيقبل بإطلاق إسم زاكي على البشارة السعيدة إكراما لخاله، يقول الزاكي: "فيما بعد حكت لي الوالدة هذا الحادث الطريف، فقد كان خالي محمد عاشقا لحد الهوس بالممثل المصري الكبير زاكي رستم، وتمنى أن يطلق هذا الإسم على فرد من أفراد العائلة وقد وجد أنني الأنسب وقتها لحمل هذا الإسم فكان له ما أراد".
ستعيش عائلة بادو سعيدة، وقد تزينت بقمرين آخرين جاءا بعد عبد الخالق وزاكي، سعيد وعزيزة، وبحكم أن رب الأسرة كان مقاول بناء بلمكتب الوطني للسكك الحديدية فسينتقل من سيدي قاسم إلى بوقنادل ضاحية سلا، يقول الزاكي:
"كنا نعيش في سعادة غامرة مع والد كان عطوفا علينا لم ينقصنا مع أي شيء".

موت الوالد.. صرح هوى
قدر الأسرة السعيدة أن معيلها الأول سينتقل للرفيق الأعلى والزاكي لم يتجاوز بعد السادسة من عمره، يقول الزاكي:
"كنت وقتها طفلا في السادسة من عمري عندما توفي والدي رحمة الله عليه، وكأني بصرح كان يحمينا قد هوى، كتب علي أن أنشأ مع إخوتي الثلاثة يتامى الأب.
في هذه الفترة الحزينة من عمري، ستقرر العائلة التنقل إلى مدينة سلا، تحديدا إلى حي تابريكت، وهناك بدأت طفولتي الحقيقية أرسمها بوجدان الإبن اليتيم، أتنقل بين مدارات الأحلام، والمشترك الوحيد لها أن أفرغ مثل أقراني كل الشحنات التي بداخلي في كرة القدم".
طبعا لم يكن الأمر ميسرا، ففي ستينيات القرن الماضي والزاكي يعيش طفولة الحلم، كانت  الأسرة متشددة في تربية الأبناء، التحصيل الدراسي له كل الأولوية، وما عداه كان يشبه العصيان، والحال أن الحاجة أمينة المترملة، ستقرر بنخوة وشجاعة المرأة المغربية أن تحضن أبناءها الأربعة وتقوم على تربيتهم، لقد ضحت بشبابها من أجل فلذات أكبادها وما أعظمها من تضحية.
يقول الزاكي: "أصبحت الوالدة هي القائد الفعلي للبيت بحنان الأم وصلابة وصرامة من سيتولى القيادة، كان همها الكبير أن نقبل بلا هوادة على التحصيل الدراسي، لننجح ولنصنع لأنفسنا شخصية ومستقبلا، وأبدا لم تكن الحاجة أمينة لتتنازل عن هذا التحصيل العلمي، بل وترى في خروجنا للعب مع رفقاء الحي مضيعة للوقت وشروعا في الإنحراف".

خفت أن ينعتوني بالمجنون
طبعا سيتمرد الزاكي على نواهي الأم، وسيمارس خلسة عشقه لكرة القدم في أحياء تابريكت وسيصبح حارس مرمى يشار إليه بالبنان في الدوري الشهير المسمى "الفرشي" كناية على معمل الفلين المجاور له، 
ولن تتأخر العيون في رصده لتنقله للجمعية السلاوية التي سيلعب بفئاتها الصغرى، وسيكون إلى جانب ملهمه الأول عبد اللطيف لعلو الذي كان وقتذاك يعتبر من عمالقة حراس مرمى كرة القدم المغربية، إلا أن المنعرج الكبير في حياة الزاكي سيحدث وهو في ربيعه السابع عشر، يحكي الزاكي: 
"جاءني ذات يوم الصديق وابن الحي الأستاذ القاسمي وقد كان زميلا لك في جريدة الميثاق الوطني، ليقول لي بأنه تحدث بشأني للسيد عبد الرزاق مكوار خلال مباراة ودية خاضها الوداد أمام الزمالك المصي وأنه أخذ علما بموهبتي، وهناك من سيأتي للتفاوض من أجل إقناعي بالإنضمام للوداد، لم أخبر أحدا، ليس لأنني لم أكن أريد أن يشيع الخبر، ولكن لأنني أصلا لم أكن أصدق الأمر.
كيف يأتي الوداد باحثا عني يريد ضمي لصفوفه، وأمامه حارس مرمى كبير يلعب للجمعية السلاوية وللمنتخب الوطني إسمه عبد اللطيف لعلو، بالفعل هو شيء لا يصدق.
صحيح أن الوداد البيضاوي كان يبحث وقتذاك عن حارس مرمى من العيار الثقيل، وصحيح أنه سعى وقتها للتعاقد إما مع المرحوم حميد الهزاز أو مع المرحوم الطاهر الرعد، إلا أن تفكيره في شخصيا أمر يجنن، كيف لحارس مرمى أنجز بعض الإرتماءات أن يصبح لاعبا بصفوف الوداد وما أدراك ما الوداد".
كان على الزاكي أن يصدق ما يحدث له وأن يتحضر للقاء من ستوفده الوداد لمفاوضته، ولكن قبلها كان عليه أن يقنع زملاءه بالحي بأنه لن يستطيع اللعب معهم في مباراة بالحي:
"لو كنت قلت وقتها لأصدقائي في الحي أن الوداد آت لمفاوضتي، لوصفوني بالمجنون، لذلك فكرت في أن أتمارض حتى لا ألعب معهم تلك المباراة، وضعت قطعا من الحامض على رأسي، وأرسلت أخي سعيد ليخبرهم بأنني أشكو من ارتفاع في الحرارة وجسمي يرتعش، ولما طرق الباب توجهت لفتحه، فكان المرحوم السي محمد الخلفي ومعه المرحوم عبد الواحد عارف أمين مال الوداد وقتذاك، هما من أوفدهما الوداد لمفاوضتي، أمهلتهما قليلا، ثم أخبرت والدتي بأن هناك أناسا يريدون أن يرونها واختفيت".

خالي محمد هو الضامن
نجح السي محمد الخلفي رحمة الله عليه في إقناع الحاجة أمينة بتمكين الزاكي من السفر إلى الدار البيضاء ومعها بطاقة إئتمان على أن الولد سيكون بين أياد آمنة، وأن الوداد البيضاوي سيكون طريقه للمجد الكروي الذي ينتظره، يقول الزاكي:
"برغم براعة المرحوم السي محمد الخلفي في تقديم الضمانات للحاجة، إلا أنها لم تقتنع ولم توافق على سفري للدار البيضاء، إلا لعملها أن خالي موجود هناك بعين السبع، وهو من سيتولى رعايتي في الفترة التي سأقضيها مع الوداد وستكون عينه علي لا تفارقني ولو للحظة، ولكم أن تتصوروا سعادتي الكبيرة وأنا أتدرب برفقة من كنت أشاهدهم في التلفزة وأعجب بأدائهم من العربي أحرضان إلى عبد المجيد اسحيتة، مرورا بمجاهد والزغاري والمرحوم بيتشو ولشهب وعبد الخالق.
كنت أقول لنفسي.. إفتح يا زاكي عينيك جيدا فأنت في علم ولست في حلم.. طبعا ما سيأتي بعدها كان متواليات للحظات سعيدة لا يمكن أن تنسى أبدا".

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS