"كورونا" تصالح المغاربة مع تلفزتهم
الإثنين 06 أبريل 2020 - 18:35قد يكون من حسنات جائحة "كورونا"، أنها صالحت المغاربة مع تلفزتهم الوطنية بعد فترة جفاء، كشفت عنها أرقام الجرد أو ما يصطلح عليه ب"أوديو ميتري"، حيث ابتعد المغاربة في وقت سابق عن كل تلفزاتهم الوطنية، بسبب ما اعتبروه نمطية في الإشتغال، وسقوط أحيانا في الرداءة عند الإنتاج التلفزي، أو ما نسميه بصناعة المحتوى التلفزي.
وبينما قيدت جائحة "كورونا" المغاربة بالحجر الصحي وفرضت ملازمته لبيوتهم، واحتاجوا إلى ما يطلعهم على تطور الحالة الوبائية ببلادهم وإلى ما يضعهم في صورة التدابير الوقائية والإحترازية لتجنب الوباء القاتل، فقد هبوا بشكل جماعي لمشاهدة القنوات التلفزية الوطنية، وارتفعت بشكل كبير نسب مشاهدة الأخبار الرئيسية للقناة الأولى وللقناة الثانية وأيضا الوصلات الإخبارية المتواترة لقناة ميدي 1 تي في.
والحقيقة أن زمن الجائحة الموجع وعلاقته بيوميات المغاربة، وحضور ما يمكن أن نسميه بالقلق الوطني المشترك، هو ما جعل الإقبال على القنوات التلفزية الوطنية يتزايد إلى الدرجة التي يمكن أن نقول معها، بأن زمن المصالحة بين المغاربة وقتواتهم التلفزية الرسمية قد بدأ.
ولا يمكن أن نلغي في هذا التحول الكبير، وفي تصالح المغاربة مع مشهدهم السمعي البصري الوطني، الإجتهاد الذي قامت به القنوات العمومية لمواكبة الجائحة، ولجعل المغاربة على تواصل وعلى اطلاع كامل بالمستجدات وجعلهم في صلب النقاش الوطني الهادف إلى الرفع من نسب الوعي والتحسيس بخطورة الوباء والتخفيف من آثار الجائحة، فقد ارتفعت جودة النشرات الإخبارية وزادت دقتها واتسمت بكثير من الإحترافية، بخاصة مع الحاجة إلى التصدي لكل الظواهر الناجمة عن الجائحة وعن الحجر الصحي، الطبية والنفسية والإقتصادية منها والتي ينتقى لها بعناية كبيرة أخصائيون للحديث عنها.
وإذا جاز القول بأن الذي شاهدناه في عودة المغاربة بكثافة إلى كنف تلفزاتهم الوطنية، هو من قبيل الضارة النافعة، فإن القنوات المرئية العمومية ستكون بحاجة إلى ما يستثمر على نحو جيد هذه المصالحة، إلى ما يعمق الثقة ولا يفقدها، والطريق إلى ذلك لا يكون إلا برفع نسب الجودة في صناعة المحتوى التلفزي والإرتقاء بالذوق الوطني والحيلولة دون عودة المغاربة مجددا إلى كنف قنوات تلفزية عربية وأجنبية، هروبا من برامج تستبلد ذكاهم وتضحك على ذقونهم وتتركهم في شقاوتهم يعمهون..