زكاة اللاعبين
الجمعة 27 مارس 2020 - 13:40منذ 5 سنوات وبتعاقب وزارات الشباب الرياضة والجامعات الكروية، وموضوع إخضاع مداخيل لاعبي كرة القدم لإقتطاعات ضريبية محط نقاش ولم يرواح مكانه وكل مرة كان التأجيل هو المصير المحتوم لزكاة الأبدان هته.
في إسبانيا قامت قيامة كبرى بسبب حكاية الضرائب، بطلها ميسي ووالده ولم تحل نجومية البرغوث دون أن يخضع لقانون الوعاء الجبائي للبلد وسدد ملايين الدولارات وهو يضحك بعدما تم تهديده هو ووالده بالسجن.
و لم يكن حال كريستيانو رونالدو أفضل من غريمه، بل أن إرغامه على أداء حوالي 21 مليون يورو عدا ونقدا كمتأخرات ضريبية، بعدما رفض فلورنتينو بيريز أن يسددها بالنيابة عنه، كانت أحد أسباب غضبته الكبرى ليغادر صوب طورينو.
في فرنسا الأمور أكثر تعقيدا وتشديدا «وما كاينش ياما ارحميني»، والخبر اليقين عند زلاطان خلال فترة مروره من الشانزليزي وحديقة الأمراء ذات يوم، دون الحديث عن باقي اللاعبيسن الذين تطالهم نسبة تكاد تقارب نصف ما يتقاضونه من راتب صافي اقتطاعا ضريبيا للدولة.
وأمام طفرة العقود المجنونة التي دشنها هنا بالبطولة شخصان وهما أكرم الودادي وأبرون التطواني، وبعدها سار في فلكهما بناني من المغرب الفاسي لغاية الناصيري وخاصة بودريقة الذي نفخ نفخة واحدة في هذه العقود، ولنا أن نذكر العقد الخرافي والأسطوري لقديوي قبل 5 مواسم لما لامس سقف مليار سنتم لموسمين، سرعان ما إتضح أنها مجرد أرقام دونها حبر على ورق يوجد اليوم على طاولة غرفة النزاعات، ليسدد فاتورتها مكتب جواد الزيات مكرها...
قلت أمام هذه الطفرة وحين أصبح لاعب عادي في بطولتنا الموقرة يتوصل سنويا بين 250 مليون و400 مليون وهذه النوعية من العقود موجودة وليست من وحي الخيال، دون أن تشمل الراتب الشهري الذي يتجاوز ما يتوصل به كاتب عام بوزارة من وزارات الدولة إو إطار سامي خارج السلم الإداري ولا حتى منح المباريات، فقد كان لزاما تفعيل الضرائب لأنها حق الفقير في مال الغني ومسؤولية الدولة التي لا يمكن نسخها بوازع التعاطف أو التأجيل.
فبحسبة بسيطة، أصبح لاعب متوسط المستوى في البطولة في زمن الإحتراف يتوصل بين 15 و30 مليون شهريا، دون أن يسدد الضريبة على الدخل وهذا الدخل هو نفسه الذي يتحصل عليه اللاعبون المحترفون في خليج البترول وهو أمر غير معقول؟
ما جرني لهذا الحديث هو إنخراط اللاعبين الذين تيسرت لهم السبل هذه الأيام موازاة مع القرينة التي ضربت العالم في التبرع وتقديم مساعدات مالية منهم من جهر بقيمتها، للمستضعفين وكل واحد منهم بحسب قدرته والتفصيل الذي رآه مناسبا.
فمنهم من أعلن تكفله بألف أسرة وآخرون ب 300 قفة والحواصلي إختار الذهاب رأسا لموقف الحرفيين ليسدد لهم ما يغنيهم عن السؤال، ثم أزارو كشف عن كمبيالة تضمن رقما بالتحويل المالي وهكذا دواليك...
وحتى وإن بدت هذه المساعدات تقل عن مليار سنتم التي تبرع بها ليفاندوفسكي، ومثل الرقم المالي لزميله داخل البايرن كيميتش وضعف المبلغ من كريستيانو رونالدو، دون الحديث بتفصيل ممل عن باقي إسهامات وزكاة فرضها الظرف الطارئ لباقي النجوم، فإن هذا الإسهام الإحساني المؤقت والظرفي، ينبغي أن يتواصل مستقبلا وبشكل أكثر تقنينا، مترجما في الخضوع للضريبة على الدخل.
كورونا جاءت كما أجمع الكل، من أجل إعادة ترتيب الكثير من الأمور التي أهملتها البشرية، ومنها العدل على مستوى توزيع كتلة الأجور، فلا يعقل كما قالت عالمة الإحياء الإسبانية أن يتقاضى عالم داخل مختبر علمي راتبا شهريا، ليس مجرد مصروف جيب لنجم عالمي.