ماذا تفعل بنا «كورونا»؟
الجمعة 20 مارس 2020 - 10:54قالها الألماني يورغن كلوب مدرب نادي ليفربول، وعلى منواله نسج العشرات من نجوم الرياضة العالمية، وهم يسالون عن «جائحة كورونا» وهي توصد الملاعب مع سبق تهديد للحياة الإنسانية، وتوقف المنافسات الرياضية من دون قيد أو شرط، «كرة القدم ليست أهم من صحة الإنسان»، لذلك لا نكترث في زمن مقاومتنا لهذا الوباء الخطير، بما تأتى لنا من وحدة وطنية ووعي قومي، بالملاعب الرياضية في العالم كله وقد سادها صمت القبور، لا نكترث بما نسمع بين اللحظة والأخرى عن توقيفات وإرجاءات يعلن عنها من اتحادات قارية بخصوص بطولات قارية كان مقررا لها شهري ينوينو ويوليوز القادمين، فالذين يستبقون والذين يرصدون جيدا الظواهر المزلزلة للعالم ويجيدون قراءة البعديات، سيتوصلون بسهولة إلى أن المكابرة في الثبات على برمجة مسابقة قارية تنظم خلال ثلاثة أو أربعة أشهر هو نوع من المزايدة.
إستفزني حقيقة أن بعد الإتحادات الوطنية أبدت عنوة تحديها لوباء «كورونا»، فمنها من واصل بطولته الوطنية بحضور الجماهير مكسرا كل شارات الخطر المنتصبة، ومنها من قال أنه سيجري مسابقاته من دون جماهير، ولم تكن تلك سوى خلسة تراجع عنها أصحابها فأشهروا على الفور استسلامهم لقوة نفوذ فيروس «كورونا» في العالم.
بالطبع نحن في مرحلة دفاع عن النفس، نحن في صراع من أجل البقاء، نحن أمام حقيقة مؤلمة أوجعنا ظهورها وقد تحاشيناها لردح من الزمن، وهو أننا مهما تحصنا، ومهما تجرأنا على القول بأننا روضنا الطبيعة وأخضنا كل ما حولها، فلن نأمن الخطر كله، والدليل أن هذه الفيروس الذي يزيد قليلا عن فيروس الأنفلوانزا نشر الرعب في العالم، وكأننا أمام حرب جرثومية بامتياز، تعوزنا القدرة إلى الآن عن التصدي له، وعن إيجاد لقاح يحول دون تهديده للبشرية جمعاء.
بالطبع بعد أن ننجح وتنجح الإنسانية في هزم هذا الفيروس اللعين، وفي تلجيم أهوائها، سيكون الوقت وقت إحصاء الخسائر، لا أقصد الخسائر في الأوراح، لأننا نضرع لله عز وجل أن لا تكون المحصلة كارثية، ولكنني أقصد الخسائر الإقتصادية والإجتماعية التي سيكبدها فيروس «كورونا» مجتمع الرياضة بشكل عام، فما بدأنا نطلع عليه من أرقام لحجم الخسائر المالية التي ستتجرعها بخاصة المنظمات الرياضية التي تباهت ذات وقت بالصعود الصاروخي لرقم معاملاتها، يصيب فعلا بالهلع والخوف، وسيكون من الضروري إبداع طريقة للتقليل من فداحة هذه الخسائر التي تقع على الإتحادات والأندية الرياضة، وأيضا على كل الشركات المتعددة الجنسية، التي تسابقت ذات وقع بفكر احتكاري لتحكم قبضتها على الأحداث الرياضية الأكثر مشاهدة في العالم.
وكما ستكون هناك حاجة بعد أن يتم القضاء على هذا الفيروس، ويأتي الفرج من الله سبحانه وتعالى، إلى إعادة رسم وتصميم الخارطة الرياضية في العالم كله، ستكون هناك حاجة لوضع نظام عالمي جديد للرياضة، يستطيع ضبط الحالات الطارئة وتقليص الآثار والتداعيات السلبية لمثل هذه الجائحة العالمية، وأنا هنا لا أستثني مشهدنا الرياضي الوطني الذي وجد نفسه على حين غرة ومن دون أن نظام وقائي وحمائي، أمام توقف سيؤذي النوادي بل وسيتسبب في خراب بيوت الآلاف ممن ترتبط أقواتهم ومصائرهم بالملاعب وبالمباريات الرياضية.
لنبقي تفكيرنا جميعا في ما تلزمنا به الحرب المعلنة على «كورونا»، من احتياطات ومن تدابير وقائية واحترازية، ولنجسد كما في كل حالات الإستثناء التي مرت على المغرب، في شكل كوارث طبيعة أو فيروسات قاتلة، وحدتنا وتعاضدنا وتكافلنا أيضا، فالوقت ليس وقت خلاصك أنت وحدك، الوقت هو وقت المساهمة في خلاص أبناء وطنك وفي خلاص الإنسانية جمعاء، والله يحد البأس.