Soldes
الأربعاء 01 يناير 2020 - 14:31 تتزامن سوق الإنتقالات الشتوية كما الصيفية في أبرز البطولات العالمية، مع مهرجانات وأسواق التخفيضات في جل المتاجر والعلامات التجارية الشهيرة، من أقصى شرق الكرة الأرضية إلى غربها، حيث لا أحاديث ولا نقاشات يومية سوى عن « soldes ».
في كرة القدم كما في الحياة اليومية ينتظر الكل بلهفة رفع ستار مرحلة التسوق لقصد أفخم المحلات والتربص بأشهر المنتوجات وإقتناء آخر الصيحات، ويدفع كلٌ حسب قدرته المالية لشراء ما ينقصه من مستلزمات أو تغطية حاجياته المفقودة، ويسافر البعض خصيصا للدول الأوروبية والخليجية لإفراغ حقيبته العميقة، ليقينه التام بأن التخفيض الحقيقي والمنتوجات النادرة والممتازة هي المعروضة في الأسواق الخارجية.
ويبدو أن أثرياء كرة القدم الوطنية كما هم أغنياء المغاربة يجمعون بين عشق إكتساح السوق المحلية بأفضل ما هو موجود، وحب السلع الأجنبية والسعي إليها في منابعها، ومضاعفة المكتسبات والمشتريات، في إدمان طبيعي للإنفاق والتجميل وتحسين «لُّوك»، أو مرض مزمن في التبذير والشراء من أجل الشراء.
بعض الأندية الثرية دخلت سوق الإنتقالات مبكرا وبرصيد مالي كبير لتقوم بدور «الشطابة» لأجود ما هو موجود، والحديث عن الرئيسين الرفيقين سعيد الناصيري وهشام أيت منا اللذان خطفا في أولى أيام التسوق أحسن اللاعبين بصورة إتفاقية أو أوحادية، ليجعلا من بيت الوداد البيضاوي وشباب المحمدية متجرا للتخزين وسلب المنتوجات من الآخرين وإفراغ السوق، في نهم شرعي معمول به أيضا عالميا من قبل الرؤساء الجشعاء والأندية الغنية التي لا تتحدث سوى بلغة الملايين والملايير.
وفي وقت يسارع فيه الأحمر إلى تغطية الخصاص وتعويض النقائص، يسقي ممثل مدينة الزهور حديقته بشكل إستباقي ومبكر ليستمتع بأجمل الورود في السنة المقبلة، حيث يخطط للصعود والتواجد مع الكبار سائرا بسرعة البُراق، تاركا لبقية المنافسين بمن فيهم العمالقة وأصحاب الوزن والبطولات، الفُتات والمنتوجات المستعملة عدة مرات أو المنتهية صلاحيتها، في مزادٍ علني غير متكافئ وضعه الثنائي المغربي الثري والذكي، بتخصيص كل جديد وجيد له، وجعل الآخرين يتبادلون الهدايا في سوق «البال».
وبينما يواصل بطل المغرب وبطل الهواة إكتساحهما وبحثهما عن إنتذابات وواردات سواء من إفريقيا أو الخليج وأوروبا، للخروج بأكبر حصيلة وحصاد قبل نهاية مرحلة الإنتقالات والتخفيضات، يئن فيه فقراء الأندية ويبكون قلة الحيلة وقصر اليد، ويشكون عراء التركيبة البشرية وغياب قوت اليوم، حالمين بزكاة الأغنياء أو صدقة منهم أو سلف، تحميهم برد الشتاء وتقلبات الموسم الطويل والشاق، وتساهم في إنقاذهم في نهاية الطريق من مقصلة الإنتحار والإندحار إلى القسم الموالي.
هذا وتأتي فئة وسطية تتمتع بالإكتفاء الذاتي وغير معنية بتسوق الشتاء، ولا تنظر إلى ميركاطو الإنتقالات إلا بعين الإشباع مع تردد واضح قبل خطف حاجة أو إثنتين على الأكثر من معارض التخفيضات، بعدما تعفي نفسها من السؤال والتودد إلى الوسطاء، وتدفعها كرامتها أو محدودية ميزانيتها إلى اللجوء إلى «خْزين» البيت في أسوء الأحوال، للإستنجاد بما جمعته وكوّنته وأنتجته من صناعتها الذاتية.