صولد العقوبات وريباخا المعايير
الأربعاء 01 يناير 2020 - 10:02ربط المسؤولية بالمحاسبة، هو استناد لنظرية السببية التي ترجع الأسباب لمسبباتها، ويروم هذا المعيار القانوني وضع البيض الفاسد كله في سلة واحدة وليس بإعمال المعيار الإنتقائي التفضيلي كما هو معمول به في عديد القرارات الزجرية والعقابية التي يتم اتخاذها بين الحين والآخر، من طرف اللجان المخول لها إعمال ناصية العقاب في كرتنا المغربية.
الحكاية انطلقت مع لاعب من الوداد وانتهت هذا العام مع لاعب من الوداد، وبينهما عوقب لاعب من الوداد، وكي ينجلي الضباب عن هذا التحليل لا بأس من استحضار التكناوتي أول رأس هوت عليه مطرقة التأديب تحت ذريعة الإخلال بالواجب الوجب الوطني والتمرد على قرارات المدرب.
لم ينفع التكناوتي نفيه ولا شفع له ضحده لحكاية التقرير الذي أدانه، ولا اللجنة اعتمدت شهادة من عاينوا كاحله المتورم، وبدت شهادة المدرب وتقريره مثل الماء الذي يبطل التيمم، وانتهي الأمر بعقاب لـ 3 أشهر تنتهي مع طلة العام الجديد.
بعد التكناوتي عوقب يحيى جبران، وفي الوقت الذي كان حري باللجنة المخول لها أن تقوم اعوجاج من تراه قد حاد عن السكة، أخرت الحكم لغاية عودة اللاعب من بوجامبورا البوروندية، لتهوى عليه بمطرقة 6 مباريات، أدانت بصقة حاول جاهدا تبرير مقصدها، ولم يشفع له بدوره ما قاله من تبرير ولا تبرئة الحكم الرداد لذمته، وسارت اللجنة في اتجاه تكييف الواقعة مستندة لمقاطع الفيديو واجتهاد خاص.
بعدها سيستأنف جبران العقوبة، فجرى تخفيفها لـ 4 مباريات وفي مثل هذه الحالات لا يوجد لون رمادي، يا أبيض أو أسود، فإما أن واقعة البصقة ثابتة والحكم كان لا بد وأن يسرع ويسحب اللاعب من معسكر الأسود تفعيلا لميثاق الأخلاق الذي يعلو أولا يعلى عليه، أو تبرئته بالكامل ودون صولد مباريات لا يوجد سند قانوني لتحديد عددها كما حددته اللجنة بإعمال ظروف الإجتهاد التي لا تستقيم مع نص.
وسينتهي المطاف بمعاقبة اسماعيل الحداد، والسند فيسبوكي محظ وهنا يرتفع هامش الغرابة ومؤشر الإرتجال، لأن اللجنة استدعت الحداد مرتين ولم يحضر، وحين حضر في الثالثة سرحته وبررت تسريحه ببلاغ ثالت فيه ومن خلاله أنها ستعمق البحث، وما إن انتهى الديربي حتى طالعتنا ذات اللجنة بمعاقبة اللاعب بمبارتين إيقاف.
وبطبيعة الحال هذا الشكل هو ما يعزز الشبهات ويقويها بشأن هذه المقاربات الغريبة، لأنه ترسخ في فكر جميع المتتبعين أن اللجنة ما تأخرت في معاقبة الحداد، إلا لتتيح أمامه خوض الديربي وهذا غير مقبول.
فإما أن الحداد كما جاء في منطوق الحكم أتى فعلا وتصرفا لا رياضيا بالسخرية من الغريم، وهنا لم يكن من مجال للإجتهاد وادعاء تعميق البحث كما روجوا له أو أن ما قام به لا يرقى لهذه الخانة وما كان يستحق عقابا من الأصل.
ولأنها تصحح خطأ بخطأ، فإنه من كان يستحق عقوبة مغلظة هو ابراهيم النقاش لطرده في الديربي، أولا كونه عميدا وقادة الفرق عقوبتهم في الغالب تعادل قيمة الشارة، وكذا لاعتراضه الواضح على الحكم جيد ورفضه الخروج، ليعاقب بمباراة واحدة، وهنا بدا وكأن اللجنة تهادن الوداد.
سيعاقب أيضا التيازي ويأتي منطوق الحكم بتوقيف وتجميد النشاط مدى الحياة، في حين أن الحكم بقي له 6 أشهر فقط وبعدها يعلق صافرته وينتهي به الحال كما انتهى بالرويسي والبرهمي والطاهيري وغيرهم ممن جايلهم.
التيازي قاد مباراة الأحد وعوقب صباح الإثنين ولم يتوصل لغاية اليوم بتقرير الإدانة ولا تفاصيل العقوبة وعلى ماذا استندت حدة وجسامة العقوبة من الأخطاء.
فالإيقاف مدى الحياة وبهذه السرعة يعني أمرا وليس أمرين: الحكم متورط في شبهة ثقيلة أثقل من احتساب 4 ضربات جزاء في مباراة واحدة، ومن عاقبه فليقدم كما قال التيازي نفسه دليل إدانته وعلى رؤوس الأشهاد لأنه للحكم الذي أمضى 30 سنة يرافق صافرته أكثر مما رافق أسرته، له أنجال وأبناء تضرروا نفسيا ومعنويا من هذا العقاب.
قلتها في السابق ولا بأس من إعادة تكرارها، تخليق الممارسة محمود، لكن ليس بمكيال مختل وقانون سكسونيا؟